الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
: هذه الحمام موضعها الآن المدرسة الناصرية بخط بين القصرين. حمّام التطمش خان: هذه الحمّام كانت بجوار ميضاة الملك ركن الدين الظاهر بيبرس المجاورة للمدرسة الظاهرية بخط بين القصرين أنشأها الخاتون التطمش خان زوجة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس ثم خربت وصار موضعها زقاقا فلما ولي كمال الدين عمر بن العديم قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية في سلطنة الملك الناصر فرج شرع في عمارة هذا الزقاق فمات ولم يكمله فوضع الأمير جمال الدين يده في العمارة وأنشأها فندقًا جعله وقفًا فيما وقف على مدرسته التي أنشأها برحبة باب العيد فلما قتله الملك الناصر فرج واستولى على جميع ما تركه جعل هذا الفندق من جملة ما أرصده للتربة التي أنشأها على قبر أبيه الملك الظاهر برقوق خارج باب النصر. حمّام القاضي: هذه الحمام من جملة خط درب الأسواني وهي من الحمامات القديمة كانت تعرف بإنشاء شهاب الدولة بدر الخاص أحد رجال الدولة الفاطمية ثم انتقلت إلى مُلك القاضي السعيد أبي المعلي هبة الله بن فارس وصارت بعده إلى مُلك القاضي كمال الدين أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس الماراني فعرفت بحمّام القاضي إلى اليوم ثم باع ورثة أبي حامد منها حصة للأمير عز الدين أيدمر الحليّ نائب السلطنة في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس وصارت منها حصة إلى الأمير علاء الدين طيبرس الخازنداري فجعلها وقفًا على مدرسته المجاورة للجامع الأزهر. حمّام الخرّاطين: هذه الحمّام أنشأها الأمير نور الدين أبو الحسن عليّ بن نجا بن راجح بن طلائع فعرفت بحمام ابن طلائع وكان بجوارها ثم حمّام أخرى تعرف بحمّام السوباشي فخربت ومستوقد حمام ابن طلائع هذه إلى الآن من درب ابن طلائع الشارع بسوق الفرّايين الآن ولها منه أيضًا باب وصارت أخيرًا في وقف الأمير علم الدين سنجر السروري المعروف بالخياط والي القاهرة وتوفي في سنة ثمان وتسعين وستمائة فاعتصبها الأمير جمال الدين يوسف الأستادار في جملة ما اغتصب من الأوقاف والأملاك وغيرها وجعلها وقفًا على مدرسته برحبة العيد وهي الآن موقوفة عليها. حمّام الخشيبة: هذه الحمام بجوار درب السلسلة كانت تعرف بحمام قوّام الدولة خير ثم صارت حمامًا لدار الوزير المأمون ابن البطائحي فلما قتل الخليفة الآمر بأحكام الله وعملت خشيبة تمنع الراكب أن يمرّ من تجاه المشهد الذي بني هناك عرفت هذه الحمّام بخُشيبة تصغير خشبة وقد تقدّم ذلك مسبوطًا عند ذكر الأخطاط من هذه الكتاب. قال ابن الظاهر: مدرسة السيفيين وقفها الأمير عز الدين فبج شاه على الحنفية وكانت هذه الدار قديمًا تُعرف بدار المأمون بم البطائحي وحمام الخُشيبة كانت لها فبيعت وهذه الحمّام هي الآن في أوقاف خوند طغاي أم أنوك ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون على تربتها التي في الصحراء خارج باب البرقية. حمام الكويك: هذه الحمّام فيما بين حارة زويلة ودرس شمس الدولة أنشأها الوزير عباس أحد وزراء الدولة الفاطمية لداره التي موضعها الآن درب شمس الدولة ثم جدّدها شخص من التجار يعرف بنور الدين عليّ ين أحمد بن محمود بن الكويك الربعي التكريتي في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فعرفت به إلى اليوم. حمّام ألجميني: هذه الحمّام بجوار حمام ابن الكويك فيما بينها وبين البندقانيين عُفت بالأمير عز الدين إبراهيم بن محمد بن الجويني والي القاهرة في أيام الملك العدل أبي بكر بن أيوب توفي سلخ جمادى الأولى سنة إحدى وستمائة فإنه أنشأها بجوار داره والعامّة تقول حمام الجهينيّ بهاء وهو خطأ وتنقلت إلى أن اشتراها القاضي أوحد الدين عبد الواحد بن ياسين كاتب السرّ الشريف في أيام الملك الظاهر برقوق بطريق الوكالة عن الملك الظاهر وجعلها وقفًا على مدرسته العظمى بخط بين القصرين وهي الآن في جملة الموقوف عليها. حمام القفاصين: هذه الحمام بالقرب من رأس حارة الديلم أنشأها نجم الدين يوسف ابن حمّام الصغيرة: هذه الحمّام على يُمنة من سلك من رأس حارة بهاء وهي تجاه دار قراسنقر أنشأها الأمير فخر الدين بن رسول التركمانيّ. ورسول هذا جدّ ملوك اليمن الآن وقد تعطلت هذه الحمام منذ كانت الحوادث بعد سنة ست وثمانمائة. حمّام الأعسر: هذه الحمّام موضعها من جملة دار الوزارة وهي الآن بجوار باب الجوانية أنشأها الأمير شمس الدين سنقر المعزي الظاهري المنصوري. سنقر الأعسر: كان أحد مماليك الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب الشام وجعله دواداره فباشر الدوادارية لأستاذه بدمشق ونفسه تكبر عنها فلما عزل أيدمر من نيابة الشام في أيام الملك المنصور قلاوون وحضر إلى قلعة الجبل اختار السلطان عدّة من مماليكه منهم سنقر الأعسر هذا فاشترا وولاه نيابة الاستادارية ثم سيره في سنة ثلاث وثمانين وستمائة إلى دمشق وأعطاه أمرة وولاه شدّ الدواوين بها واستادارًا فصارت له بالشام سمعة زائدة إلى أن مات قلاوون وقام من بعد الأشرف خليل واستوزر الوزير شمس الدين السلعوس طلب سنقر إلى القاهرة وعاقبه وصادره فتوصل حتى تزوّج بابنة الوزير على صداق مبلغه ألف وخمسمائة دينار فأعاده إلى حالته ولم يزل إلى أن تسلطن الملك العادل كتبغا واستوزر الصاحب فخر الدين بن خليل وقبض على سنقر وعلى سيف الدين استدمر وصادرهما وأخذ من سنقر خمسمائة ألف درهم وعزله عن شدّ الدواوين وأحضر إلى القاهرة. فلما وثب الأمير حسام الدين لاجين على كتبغا وتسلطن ولي سنقر الوزارة عوضًا عن ابن خليل في جمادى الأولى سنة ست وتسعين وسبعمائة ثم قبض عليه في ذي الحجة منها وذلك أنه تعاظم في وزارته وقام بحق المنصب يريد أن يتشبه بالشجاعي وصار لا يقبل شفاعة أحد من الأمراء ويخرق بنوابهم وكان في نفسه متعاظمًا وعنده شمم إلى الغاية مع سكون في كلامه بحيث أنه إذا فاوض السلطان في مهمات الدولة كما هي عادة الوزراء لا يجيب السلطان بجواب شاف وصار يتبين منه للسلطان قلة الاكتراث به فأخذ في ذمه وعيبه بما عنده من الكبر وصادفه الغرض من الأمراء وشرعوا في الحط عليه حتى صُرف وقُيد فأرسل يسال السلطان عن الذنب الذي أوجب هذه العقوبة فقال: ماله عندي ذنب غير كبره فإني كنت إذا دخل إليّ أحسب أنه هو السلطان وأنا الأعسر فصدره منقام وحديثي معه كأني أحدّث أستاذي وقرّر من بعده في الوزارة ابن الخليلي فلما قُتِلَ لاجين وأعيد الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الملك ثانيًا أفرج عن سنقر الأعسر وعن جماعة من الأمراء وأعاد الأعسر إلى الوزارة في جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة وفي وزارته هذه كانت هزيمة الملك الناصر بعساكره من غازان فتولى ناصر الدين الشيخي والي القاهرة جباية الأموال من التجار وأرباب الأموال لأجل النفقة على العساكر وقرّر في وزارته على كل أردب غلة خروبة إذا طلع إلى الطحان وقرّر أيضًا نصف الشمسرة ومعناها أنه كان للمنادي على الثياب أجرة دلالته على كل ما مبلغه مائة درهم درهمين فيؤخذ منه درهم منهما ويفضل له درهم واستخدم على هاتين الجهتين نحو مائتين من الأجناد منه درهم منهما ويفضل له درهم واستخدم على هاتين الجهتين نحو مائتين من الأجناد البطالين وتحصل في بيت المال من أموال المصادرات مبلغ عظيم ثم خرج الوزير بمائة من مماليك السلطان وتوجه إلى بلاد الصعيد وقد وقعت له في النفوس مهابة عظيمة فكبس البلاد وأتلف كثيرًا من المفسدين من أجل أنه لم حصلت وقعة غازان كثر طمع العربان في المغل ومنعوا كثيرًا من الخراج وعصوا الولاة وقطعوا الطريق ومازال يسير إلى الأعمال القوصية فلم يدع فرسًا لفلاح ولا قاض ولا متعمم حتى أخذه وتتبع السلاح ثم حضر بألف وستين فرسًا وثمانمائة وسبعين جملًا وألف وستمائة رمح وألف ومائتي سيف وتسعمائة درقة وستة آلاف رأس غنم وقتل عدّة من الناس فتمهدت البلاد وقبض الناس مغلهم بتمامه واتفقت واقعة النصارى التي ذكرت عند ذكر كنائس النصارى من هذا الكتاب في أيامه فأمر بالتاج ابن سعيد الدولة أحد مستوفي الدولة وكان فيه زهو وحمق عظيم وله اختصاص بالأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكيري فُعرّيَ وضرب بالمقارع ضربًا مبرحًا فأظهر الإسلام وهو في العقوبة فأمسك عنه. وألزمه بحلم مال فالتجأ إلى زاوية الشيخ نصر المنيحي وترامى على الشيخ فقام في أمره حتى عفي عنه فكره الأمراء الأعسر لكثرة شممه وتعاظمه فكلّموا الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكيري فعُرّي وضرب بالمقارع ضربًا مبرحًا فأظهر الإسلام وهو ف العقوبة فأمسك عنه. وألزمه بحمل مال فالتجأ إلى زاوية الشيخ نصر المنيحي وترامى على الشيخ فقام في أمره حتى عفي عنه فكره الأمراء الأعسر لكثرة شممه وتعاظمه فكلّموا الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكيري وإليه أمر الدولة في ولاية الأمير ز الدين أيبك البغدادّي الوزارة وساعدهم على ذلك الأمير سلار فولي الأعسر كشف القلاع الشامية وإصلاح أمورها وترتيب رجالها وسائر ما يحتاج إليه. وخلع على الأمير أيبك خلع الوزارة في آخر سنة سبعمائة فلما عاد استقرّ أحد أمراء الألوف وحد في صحبة الأمير سلار ومات بالقاهرة بعد أمراض في سنة تسع وسبعمائة وكان عارفًا خيّرًا مهابًا له سعادات طائلة ومكارم مشهورة ولحاشيته ثروة متسعة وغالب مماليكه تأمّروا بعده وممن مدحه الوداعيّ وابن الوكيل. حمّام الحسام: هذه الحمّام بداخل باب الجوانية. حمّأم الصوفية: هذه الحمّام بجوار الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء أنشأها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب لصوفية الخانقاه وهي إلى الآن جارية في أوقافهم ولا يدخلها يهوديّ ولا نصراني. حمّام بهادر: هذه الحمّام موضعها من حملة القصر وهي بجوار دار جرجي أنشأها الأمير بهادر استادار الملك الظاهر برقوق وقد تعطلت. حماد الدود: هذه الحمّام خارج باب زويلة في الشارع تجاه زقاق خان حلب بجوار حوض سعد الدين مسعود بن هنس عُرفت بالأمير سيف الدين الدود الجاشنكيري أحد أمراء الملك المعز أيبك التركماني وخال ولده الملك المنصور نور الدين عليّ بن الملك المعز أيبك فلما وثب الأمير سيف الدين قطز نائب السلطنة بديار مصر على الملك المنصور عليّ بن الملك المعز أيبك واعتقله وجلس على سرير المملكة قبض على الأمير الدود في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وستمائة واعتقله وهذه الحمّام إلى اليوم بيد ذرية الدود من قبل بناته موقوفة عليهم. حمام ابن أبي الحوافر: هذه الحمّام خارج مدينة مصر بجوار الجامع الجديد الناصريّ كان موضعها وما حولها عامرًا بماء النيل ثم انحصر عنه الماء وصار جزيرة فبنى الناس عليها بعد الخمسمائة من سني الهجرة كما ذكر عند ذكر ساحل مصر من هذا الكتاب وعُرفت هذه الحمّام بالقاضي فتح الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ جمال الدين أبي عمرو وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل بن محمد بن أبي الحوافر رئيس الأطباء بديار مصر ومات ليلة الخميس الرابع عشر من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وستمائة ودفن بالقرافة. حمّام قتّال السبع: هذه الحمّام خارج باب القوس من ظاهر القاهرة في الشارع المسلوك فيه من باب زويلة إلى صليبة جامع ابن طولون وموضعها اليوم بجوار جامع قوصون عمّرها الأمير جمال الدين أقوش المنصوريّ المعروف بقتّال السبع الموصلي بجانب داره التي هي اليوم جامع قوصون فلما أخذ قوصون الدار المذكورة وهدمها وعمر مكانها هذا الجامع أراد أخذ الحمّام وكان وقفًا فبعض إلى قاضي القضاة شرف الدين الحنبليّ الحرّانيّ يلتمس منه حل وقفها فأخرب منها جانبًا وأحضر شهود القيمة فكتبوا محضرًا يتضمن أنّ الحمام المذكورة خراب وكان فيهم شاهد امتنع من الكتابة في المحضر وقال: ما يسعني من الله أن أدخل بكرة النهار في هذا الحمام وأطهّر فيها ثم أخرج منها وهي عامرة وأشهد بعد ضحوة نهار من ذلك اليوم أنها خارب فشهد غيره وأثبت قاضي القضاة الحنبليّ المحضر المذكور وحكم ببيعها فاشتراها الأمير قوصون من ورثة قتال السبع وهي اليوم عامر بعمارة ما حولها. حمّام لؤلؤ: هذه الحمام برأس رحبة الأيدمريّ ملاصقة لدار السنانيّ من القاهرة أنشأها الأمير حسام الدين لؤلؤ الحاجب. لؤلؤ الحاجب: كان أرمنيّ الأصل ومن جملة أجناد مصر في أيام الخلفاء الفاطميين فلما استولى صلاح الدين يوسف بن أيوب على مملكة مصر خدم تقدمة الأسطول وكان حيثما توجه فتح وانتصر وغنم ثم ترك الجندية وزوّج بناته وكنّ أربعًا بجهاز كاف وأعطى ابنيه ما يكفيهما ثم شرع يتصدق بما بقي معه على الفقراء بترتيب لا خلل فيه ودومًا لا سآمه معه وكان يفرّق في كل يوم أثني عشر ألف رغيف مع قدور الطعام وإذا دخل شهر رمضان أضعف ذلك وتبتل للتفرقة من الظهر في كل يوم إلى نحو صلاة العشاء الآخرة ويضع ثلاثة مراكب طول كل مركب أحد وعشرون ذراعًا مملوءة طعامًا ويُدخل الفقراء أفواجًا وهو قائم مشدود الوسط كأنه راعي غنم وفي يده مغرفة وفي الأخرى جرّة سمن وهو يصلح صفوف الفقراء ويقرّب إليهم الطعام والودك ويبدأ بالرجال ثم النساء ثم الصبيان وكان الفقراء مع كثرتهم لا يزدحمون لعلمهم أنّ المعروف يعمهم فإذا انتهت حاجة الفقراء بسط سماطًا للأغنياء تعجز الملوك عن مثله وكان له مع ذلك على الإسلام منة توجب أن يترحم عليه المسلمون كلهم وهي أنّ فرنج الشوبك والكرك توجهوا نحو مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لينبشوا قبره صلى الله عليه وسلم وينقلوا جسده الشريف المقدّس إلى بلادهم ويدفنوه عندهم ولا يمكنوا المسلمين من زيارته إلاّ بجعل فأنشأ البرنس أرباط صاحب الكرك سفنًا حملها على البرّ إلى بحر القلزم وأركب فيها الرجال وأوقف مركبين على جزيرة قلعة القلزم تمنع أهلها من استقاء الماء فأسرت الفرنج نحن عيذاب فقتلوا وأسروا ومضوا يريدون المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم وذلك في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وكان السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على حران فلما بلغه ذلك بعث إلى سيف الدولة ابن منقذ نائبه على مصر يأمره بتجهيز الحاجب لؤلؤ خلف العدوّ فاستعدّ لذلك وأخذ معه قيودًا وسار في طلبهم إلى القلزم وعمّر هناك مراكب وسار إلى أيلة فوجد مراكب للفرنج فحرقها وأسر من فيها وسار إلى عيذاب وتبع الفرنج حتى أدركهم ولم يبق بينهم وبين المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم إلا مسافة يوم وكانوا ثلاثمائة ونيفًا وقد انضم إليهم عدّة من العربان المرتدّة فعندما لحقهم لؤلؤ فرّت العربان فرقًا من سطوته ورغبة في عطيته فإنه كان قد بذل الأموال حتى أنه علّق أكياس الفضة على رؤس الرماح فلما فرّت العربان التجأ الفرنج إلى راس جبل صعب المرتقى فصعد إليهم في عشرة أنفس وضايقهم فيه فخارت قواهم بعدما كانوا معدودين من الشجعان واستسلموا فقبض عليهم وقيّدهم وحملهم إلى القاهرة فكان لدخولهم يوم مشهود وتولى قتلهم الصوفية والفقهاء وأرباب الديانة بعدما ساق رجلين من أعيان الفرنج إلى منى ونحرهما هناك كما تنحر البدن التي تساق هديًا إلى الكعبة ولم يزل على فعل المعروف إلى أن مات رحمه الله في صميم الفلا وقد قرب منتهاه في اليوم التاسع من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وخمسمائة ودفن بتربته من القرافة وهي التي حفر فيها البئر ووجد في قعرها عند الماء اسطام مركب وهذه الحمّام تفتح تارة وتغلق كثيرًا وهي باقية إلى يومنا هذا من جملة أوقاف الملك والله تعالى أعلم بالصواب. ذكر القياسر ذكر ابن المتوّج قياسر مصر وهي: قيسارية المحلى وقيسارية الضيافة وقف المارستان المنصوري وقيسارية شبل الدولة وقيسارية ابن الأرسوفي وقيسارية ورثة الملك الظاهر بيبرس وقيساريتا ابن ميسر وقد خربت كلها. قيسارية ابن قريش هذه القيسارية في صدر سوق الجملون الكبير بجوار باب سوق الورّاقين ويسلك إليها من الجملون ومن سوق الأخفافيين المسلوك إليه من البندقانيين وبعضها الآن سكن الأرمنيين وبعضها سكن البزازين. قال ابن عبد الظاهر: استجدّها القاضي المرتضى ابن قريش في الأيام الناصرية الصلاحية وكان مكانها اسطبلًا انتهى. ووي القاضي المرتضى صفيّ الدين أبو المجد عبد الرحمن بن عليّ بن عبد العزيز بن علي بن قريش المخزومي أحد كتاب الإنشاء في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب قتل شهيدًا على عكا في يوم الجمعة عاشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة ودفن بالقدس قيسارية الشرب هذه القيسارية بشارع القاهرة تجاه قيسارية جهاركس. قال ابن عبد الظاهر: وقفها السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب على الجماعة الصوفية يعني بخانقاه سعيد السعداء وكان إسطبلًا. انتهى. وما برحت هذه القيسارية مرعية الجانب إكرامًا للصوفية إلى أن كانت أيام الملك الناصر فرج وحدثت الفتن وكثرت مصادرات التجار انخرق ذاك السياج وعومل سكانها بأنواع من العسف وهي اليوم من أعمر أسواق القاهرة. قيسارية ابن أبي أسامة هذه القيسارية بجوار الجملون الكبير على يسرة من سلك إلى بين القصرين يسكنها الآن الخرد فوشية وقفها الشيخ الأجل أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الحسن بن أبي اسامة لصاحب ديوان الإنشاء في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله وكانت له رتبة خطيرة ومنزلة رفيعة وينعت بالشيخ الأجل كاتب الدست الشريف ولم يكن أحد شاركه في هذا النعت بديار مصر في زمانه وكان وقف هذه القيسارية في سنة ثمان عشرة وخمسمائة وتوفي في شوال سنة اثنين وعشرين وخمسمائة. هذه القيسارية على يسرة من يدخل من باب زويلة فيما بين خزانة شمائل ودرب الصغيرة تجاه قيسارية الفاضل. أنشأها الأمير شمس الدين سنقر الأشقر الصالحيّ النحميّ أحد المماليك البحرية ولم تزل إلى أن هُدمت وأُدخلت في الجامع المؤيدي لأيام من جمادى سنة ثمان عشرة وثمانمائة. قيسارية أمير علي هذه القيسارية بشارع القاهرة تجاه الجملون الكبير بجوار قيسارية جهاركس يفصل بينهما درب قيطون عرفت بالأمير عليّ بن الملك المنصور قلاون الذي عهد له بالملك ولقبه بالملك الصالح ومات في حياة أبيه كما قد ذكر في فندق الملك الصالح. قيسارية رسلان هذه القيسارية فيما بين درب الصغيرة والحجارين أنشأها الأمير بهاء الدين رسلان الدوادار وجعلها وقفًا على خانقاه له بمنشأة المهرّانيّ وكانت من أحسن القياسر فلما عزم الملك المؤيد شيخ على بناء مدرسته هدمها في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة وعوّض أهل الخانقاه عنها خمسمائة دينار. قيسارية جهاركس قال ابن عبد الظاهر: بناها الأمير فخر الدين جهاركس في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وكانت قبل ذلك يعرف مكانها بفندق الفراخ ولم تزل في يد ورثتهن وانتقل إلى الأمير علم الدين أيتمش منها جزء بالميراث عن زوجته وإلى بنت شومان من أهل دمشق ثم اشتريت لوالدة خليل المسماة بشجر الدرّ الصالحية في سنة خمس وخمسين وستمائة وهي مع حسنها واتقان بنائها كلها وتجرّد من الغضب جميع ما فيها وذكر بعض المؤرخين أن صاحبها جهاركس نادى عليها حين فرغت فبلغت خمسة وتسعين ألف دينار علء الشريف فخر الدين إسماعيل بن ثعلب وقال لصاحبها: أنا انقدك ثمنها أي نقد شئت إن شئت ذهبًا وإنْ شئت فضة وإن شئت عروض تجارة وقيسارية جهاركس تجرى الآن في وقف الأمير بكتمر الجوكندار نائب السلطنة بعد سلار على ورثته. وقال القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان. جَهَاركس: بن عبد الله فخر الدين أبو المنصور الناصريّ الصلاحيّ كان من أكبر أمراء الدولة الصلاحية وكان كريمًا نبيل القدر عليّ الهمة بنى بالقاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة إليه رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون: لم نر في شيء من البلاد مثلها في حسنها وعظمها وأحكام بنائها وبنى بأعلاها مسجدًا كبيرًا وربعًا معلقًا وتوفي في بعض شهور سنة ثمان وستمائة بدمشق ودفن في جبل الصالحية وتربته مشهورة هناك رحمه الله وجَهَاركس بفتح الجيم والهاء وبعد الألف راء ثم كاف مفتوحة ثم سين مهملة. ومعناه بالعربيّ أربعة أنفس وهو لفظ عجميّ. وقال الحافظ جمال الدين يوسف بن أحمد بن محمود اليغوريّ: سمعت الأمير الكبير الفاضل شرف الدين أبا الفتح عيسى بن الأمير بدر الدين محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد الهكاريّ البحتريّ الطائيّ المقدسيّ بالقاهرة ومولده سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالبيت المقدّس شرّفه الله تعالى وتوفي بدمشق في ليلة الأحد تاسع عشري ربيع الآخر سنة تسع وستمائة ودفن بسفح جبل قاسيون رحمه الله. قال: حدّثني الأمير صارم الدين خطلبا التبنينيّ صاحب الأمير فخر الدين أبي المنصور جهاركس بن عبد الله الناصريّ الصلاحيّ رحمه الله قال: بلغ الأمير فخر الدين أن بعض الأجناد عنده فَرَسٌ قد دُفع له فيه ألف دينار ولم يسمح ببيعه وهو في غاية الحسن فقال لي الأمير باخطلبا: إذا ركبنا ورأيت في الموكب هذا الفرس نبهني عليه حتى أبصره. فقلت: السمع والطاعة. فلما ركبنا في الموكب مع الملك العزيز عثمان بن الملك الناصر رحمه الله رايت الجنديّ على فرسه فتقدّمت إلى الأمير فخر الدين وقلت له: هذا الجنديّ وهذا الفرس راكبه فنظر إليه وقال: إذا خرجنا من سماط السلطان فانظر أين الفرس وعرّفني به. فلما دخلنا إلى سماط الملك العزيز عجّل الأمير فخر الدين وخرج قبل الناس فلما بلغ إلى الباب قال لي أين الفرس قلت: ها هو مع الركاب. دار فقال لي: أدعه. فدعوته إليه فلما وقف بين يديه والفرس معه أمره الأمير بأخذ الغاشية ووضع الأمير رجله في ركابه وركبه ومضى به لى داره وأخذ الفرس فلما خرج صاحبه عرفه الركاب دار بما فعله الأمير فخر الدين فسكت ومضى لى بيته وبقي أيامًا ولم يطلب الفرس. فقال لي الأمير فخر الدين: يا خطلبا ما جاء صاحب الفرس ولا طلبه اطلب لي صاحبه. قال: فاجتمعت به وأخبرته بأنّ الأمير يطلب الاجتماع به فسارع إلى الحضور. فلما دخل عليه أكرمه الأمير ورفع مكانه وحدّثه وآنسه وبسطه وحضر سماطه فقرّ به وخصصه من طعامه فلما فرغ من الأكل قال له الأمير: يا فلان ما بالك ما طلبت فرسك وله عندنا مدّة فقال: يا خوند وما عسى أن يكون من هذا الفرس وما ركبه الأمير إلاّ وهو قد صلح ل وكلما صلح للمولى فهو على العبد حرام ولقد شرّفني مولانا بأن جعلني أهلًا أن يتصرّف في عبده والمملوك يحسب أن هذا الفرس قد اصاب مرض فمات وأما الآن فقد وقع في محله وعند أهله ومولانا أحق به وما أسعد المملوك إذا صلح لمولانا عنده شيء. فقال له الأمير: بلغني أنك أُعطيتَ فيه ألف دينار. قال كذلك كان قال: فلم لم تبعه فقال: يا مولانا هذا الفرس جعلته للجهاد وأحسن ما جاهد الإنسان على فرس يعرفه ويثق به وما مقدار هذا الفرس له أسوة. فاستحسن الأمير همته وشكره ثم أشار إليّ فتقدّمت إليه فقال لي في أذني: إذا خرج هذا الرجل فاخلع عليه الخلعة الفلانية من أفخر ملبوس الأمير وأعطه ألف دينار وفرسه فلما نهض الرجل أخذته إلى الفرش خاناه وخلعت عليه الخلعة ودفعت إليه الكيس وفيه ألف دينار فخدم وشكر وخرج فقّمّم إليه فرسه وعليه سرج خاص من سروج الأمير وعدّة في غاية الجودة. فقيل: اركب فرسك. فقال: كيف أركبه وقد أخذت ثمنه وهذه الخلعة زيادة على ثمنه. ثم رجع إلى الأمير فقبّل الأرض وقال: يا خوند تشريف مولانا لا يُردّ وهذا ثمن الفرس قد أحضره المملوك. فقال له الأمير فخر الدين: يا هذا نحن جرّبناك فوجدناك رجلًا جيدًا ولك همة وأنت أحق بفرسك خذ هذا ثمنه ولا تبعه لأحد فخدمه وشكره ودعا له وأخذ الفرس والخلعة والألف دينار وانصرف. وأخبرني أيضًا الأمير شرف الدين ابن أبي القاسم قال: أخبرني صارم الدين التبنيني أيضًا: أنّ الأمير فخر الدين خدم عنده بعض الأجناد فعرض عليه فأعجبه شكله وقال لديوانه: استخدموا هذا الرجل. فتكلموا معه وقدّروا له في السنة اثني عشر ألف درهم فرضي الرجل وانتقل إلى حلقة الأمير قوصون وضرب خيمته وأحضر بركه فلما كانت بعض الأيام رجع الأمير من الخدمة فعبر من جنب خيمة هذا الرجل فرأى خيمة حسنة وخيلًا جيادًا وجمالًا وبغالًا وبركًا في غاية الجودة. فقال: هذا البرك لمن فقيل هذا برك فلان الذي خدم عند الأمير في هذه الأيام. فقال: قولوا له ما لك عندنا شغل تمضي في حال سبيلك فلما قيل للرجل ذلك أمر بأن تحط خيمته وأتى إليّ وقال: يا مولانا أنا رائح وها أنا قد حملت بركي ولكن أشتهي منك أن تسأل الأمير ما ذنبي. قال: فدخلت إلى الأمير وأخبرته بما قال الرجل. فقال: والله ما له عندي ذنب إلا أنّ هذا البرك وهذه الهمة يستحق بها أضعاف ما أُعطي فأنكرت عليه كيف رضي بهذا القدر السير وهو يستحق أ تكون أربعين ألف درهم وتكون قليلة في حقه فإذا خدم بثلاثين الف درهم يكون قد ترك لنا عشرة آلاف درهم فهذا ذنبه عندي. فرجعت إلى الرجل فأعلمته بما قال الأمير فقال: إنما خدمت عن الأمير ورضيت بهذا القدر لعلمي أن الأمير إذا عرف حالي فيما بعد لا يقنع لي بهذا الجاري فكنت على ثقة من إحسان الأمير أبقاه الله وأما الآن فلا أرضى أن أخدم إلا بثلاثين ألف درهم كما قال الأمير. فرجعت إلى الأمير وأخبرته بما قال الرجل فقال: يجري له ما طلب وخلع عليه وأحسن إليه. وكان الأمير فخر الدين جهاركس مقدّم الناصرية والحاكم بديار مصر في أيام الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى أن مات العزيز فمال الأمير فخر الدين جهاركس إلى ولاية ابن الملك العزيز وفاوض في ذلك الأمير سيف الدين يازكوج الأسديّ وهو يومئذ مقدّم الطائفة الأسدية وكان الملك العزيز قد أوصى بالملك لولده محمد وأن يكون الأمير الطواشي بهاء الدين قراقوش الأسديّ مدبر أمره فأشار يازكوج بإقامة الملك الأفضل عليّ بن صلاح الدين في تدبير أمير ابن العزيز فكره جهاركس ذلك ثم أنهم أقاموا ابن العزيز ولقبوه بالملك المنصور وعمره نحو تسع سنين ونصبوا قراقوش اتابكًا وهم في الباطن يختلفون عليه ومازالوا يسعون عليه في إبطال أمر قراقوش حتى اتفقوا على مكاتبة الأفضل المتقدّم ذكره وحضوره إلى مصر ويعمل اتابكية المنصور مدّة سبع سنين حتى يتأهل بالاستبداد بالملك بشرط أن لا يرفع فوق رأسه سنجق الملك ولا يذكر اسمه في خطبة ولا سكة فلما سار القاصد إلى الأفضل بكتب الأمراء بعث جهاركس في الباطن قصدًا على لسانه ولسان الطائفة الصلاحية بكتبهم إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب وكتب إلى الأمير ميمون القصريّ صاحب نابلس يأمره بأن لا يطيع الملك الأفضل ولا يحلف له فاتفق خروج الملك الأفضل من صرخد ولقاه قاصد فخر الدين جهاركس فأخذ منه الكتب وقال: له ارجع فقد قضيت الحاجة وسار إلى القاهرة ومعه القاصد فلما خرج الأمراء من القاهرة إلى لقائه ببلبيس فعمل له فخر الدين سماطًا احتفل فيه احتفالًا زائدًا لينزل عنده فنزل عند أخيه الملك المؤيد نجم الدين مسعود فشق ذلك على جهاركس وجاء إلى خدمته فلما فرغ من طعام أخيه صار إلى خيمة جهاركس وقعد ليأكل فرأى جهاركس قاصده الذي سيره في خدمة الأفضل فدهش وأيقن باشر فللحال استأذن الأفضل أن يتوجه إلى العرب المختلفين بأرض مصر ليصلح بينهم فأذن له وقام من فوره واجتمع بالأمير زين الدين قراجا والأمير اسد الدين قراسنقر وحسّن لهما مفارقة الأفضل فسارا معه إلى القدس وغلبوا عليه ووافقهم الأمير عز الدين أسامة والأمير ميمون القصري فقدم عليهم في سبعمائة فارس ولما صاروا كلمة واحدة كتبوا إلى الملك العادل يستدعونه للقيام باتابكية الملك المنصور محمد بن العزيز بمصر.
|